استيقظت اليوم متفاجئة كالعادة. هذا التفاجؤ عادة ما يكون سببه كوابيس لا أذكرها أو بالأحرى وعيي لا يريد أن يتذكرها ونوم متقطع ناتج عن رشة أرق. هذا التفاجؤ يتحول مع مرور النهار إلى ما يسمى هذه الأيام ب “الأنغزايتي” أو القلق. ولكن هذا موضوع يطول الحديث عنه لذلك سأتوقف هنا وأعود لسرد ما حصل بعد الاستيقاظ. أعددت قهوتي ولففت سيغارتي وجلست جانب الشرفة، بعد قليل من التأمل في اللاشيء، فتحت “الفيس بوك” كما أفعل كل يوم بغرض الذهاب إلى “الميموريز” فألقي نظرة على “منشورات الماضي” ثم أقوم بمحيها. لماذا أقوم بمحي الماضي المرئي؟ أترك الجواب للمعالجين النفسيين وأعود لسرد ما حصل بعد الاستيقاظ. المهم، وجدت منشور يعود للعام ٢٠١٢ قامت إحدى الصديقات بفعل “التاغ” أي وقع علي فعل التاغ. هذا المنشور النوستالجي كفيل بأن يسبب اعتقال كل من وقع عليه فعل “التاغ” هذا، لأنه يربطنا جميعاً – ٧ صديقات وصديق- بساحة اعتدنا التظاهر فيها ضد نظام الأسد. نعم كنا ننشر هذه المنشورات النوستالجية بكل سذاجة دون التفكير بعواقب هذه المناشير ولكن هذا موضوع يطول الحديث عنه لذلك سأعود لسرد ما حصل بعد الاستيقاظ. المهم، هذا المنشور لم يحرك عندي أية مشاعر نسوتالجية بل حرضني على التفكير بالحاضر وأين أصبحنا اليوم. نحن الصديقات المهزومات والمكتئبات والحزينات. حرضني على التفكير بنساء إيران وما يفعلنه في شوارع إيران اليوم. حرضني على التفكير بتلك الشجاعة الرائعة المذهلة. وهذه الفكرة نفسها أعادتني للتفكير بنا. لحظة! نحن أيضاً كنا شجاعات ورائعات. نحن أيضاً خرجنا إلى الشوارع وواجهنا التوحش والقمع والإعتقال والقتل. لماذا نفكر فقط بانهزاماتنا وحزننا وانكساراتنا؟ لماذا ننسى شجاعتنا؟ أليس هذا ما يريده الديكتاتور؟ أن يجعلنا كئيبات ومنهزمات؟ فننعزل ونتوقف عن الفعل ونتوقف عن الحياة؟ ألم نخرج نحن السوريات إلى الشوارع بسبب شجاعة الفلسطينيات والمصريات والتونسيات والليبيات؟ ألم تخرج اللبنانيات بسبب شجاعة السودانيات؟ ألم تخرج الإيرانيات بسبب شجاعة السوريات واللبنانيات والفلسطينيات والجزائريات واليمنيات والمصريات والتونسيات والليبيات والسودانيات والعراقيات و و و و؟ ألن تخرج بعد الإيرانيات ات وات وات وات…؟ والكلمة الجامعة لنا بالعربية والكردية والفارسية هي: حريّة؟
بعد قهوة اليوم، كتبت هذا النص ووعدت نفسي أن لا أنسى أبداً أن ما فعلناه لم ولن يكون بلا أثر أو جدوى وأني لن أستسلم لفكرة أننا لم نفعل شيء أو أننا انهزمنا. وأن هناك ملايين من النساء ستكمل ما فعلته نساء أخريات في كل مكان في هذا العالم.