في هذه الفترة أفكر في الأمل كثيراً، ما هو الأمل؟
تعددت سيناريوهات الأمل في مفهومه السائد اليوم
فنحن نعيش لأمل ما ..
أو نعيش على أمل أن ..
أو ننتظر لأن الأمل ..
أو لا نفقد الأمل ..
حياتنا معلقة على آمالٍ لشيءٍ ما. سواءٌ أكان ظرفاً، وهماً، شخصاً، وظيفةً، مادةً، فرجاً، معتقداً، أو حتى فكرة. ونظن بأن سعادتنا تعتمد على ذلك الشيء والأمل به.
لا نفقد الأمل ..
حسناً، وماذا لو فقدنا الأمل تماماً؟
فقدنا هذا العنصر الذي يأسرنا في مستقبلٍ مجهول، غير ملموس، غير محسوس، يربطنا بأوهامٍ لا وجود لها. نتعلق بخيالنا الواسع ومشاعرنا الزائفة. في التعلق توقعات، والتوقعات تدمر الذات، وندخل عندها في دائرة الخوف المستمر, الخوف من الخسارة، الفقدان، الوحدة، الغيب، اتخاذ القرارات، المجهول، المواجهة، العدم، اللامعقول
لماذا أخاف؟ وممّ أخاف؟ من وهم؟ من ضباب أفكاري الذي يعلقني “بالغد الأفضل.. ربما”؟!
أنا لا أحب الخوف..
أليس من الأجدى أن التفت لحاضري، للّحظة التي أعيشها؟
أشعر بكل تفاصيلها، أشعر بحياتي الآن. أعيش حياتي الآن، أرى واقعي ومحيطي كما هو وأتقبله.
واقعي، الذي لو كان جميلاً أنتشي بجماله و أبني عليه، ولو كان مريراً أحضنه وأتقبله بألمه وحزنه وعتمته. ومن ثم أضع خطة إنقاذ لأنني تصالحت مع وضعي الآن.
أبدأ بتفكيك المواقف التي تعرضت لها وأعيدها الى أصلها المجرد، أعالجها من جذورها لأنني في حالة فراغٍ عاطفي، بعد نفاذ كل الألم .. بعد ان أحرقني تماماً..
هنا تكمن كينونة النور، في نواة الألم.
هنا الخشوع التام، هنا أُبعَث من جديد.
أكونُ في حالةِ إدراكٍ تام، صمتٍ عميق، في اللاشيء.
سلامٌ مطلق، على الرغم من كل الألم، أغمره بسلام.
وفي هذه اللحظة تجرفني طاقةٌ كونيةٌ لا حدود لها، مجالٌ كهرومغناطيسيٌ ينير العقل، يُسقِط فيه حلولاً تتفجرأنهاراً من المعرفة والحكمة، وأتَّحدُ اتحاداً كاملاً مع ملكوت السماء.
شعاعٌ يسطع من الأثير ويخترق كياني ..
ملكوت الأبدية.. الآن الابدية…
يتوقف الزمن، غدي هو الآن وأمسيَ قد مضى لا التفت إليه.
أنا في حالة حضورٍ تام..
كم هو جميل أن أدرك تماماً اللحظة التي أعيشها بكل تفاصيلها. كم هو جميل أن تسقط التوقعات والأوهام..
نحن نضع أملنا في غدنا وهذا يؤطّر الإنسان بسعادة وهمية، والعيش في “الرّبما و الممكن”، لأننا نحصره دائماً في خانة زمنية، جسرٌ معلقٌ بين ماضٍ انتهى، ومستقبلٍ مجهول.
السعادة المطلقة تأتي من داخلنا، من كينونتنا، وجزءٌ كبيرٌ منها هو الشّعور بالسّلامِ والطّمأنينةِ في أحوالنا الصّالحةِ والطّالحة.
التقبّلُ التام.. أنْ نكونَ فحسب..
عندها فقط نُصبِحُ مَصنعاً للأمل .. في مفهومه الصحيح، في “زمنه” الصحيح، في لحظة الآن.
نفعلُ به ما نشاء كيفَما نشاءْ.