في منتصف جلسة هادئة مع صديقتي التي تجاوزت معها القليل من إختبارات الصداقة الحقيقة مع الكثير من الثقة بأننا سنتجاوز جميعها سويًا، أخبرتني عن حقيقة ميولها العاطفية والجنسية تجاه الفتيات بجانب الفتيان، وأنها الآن في مرحلة عمرية تجعلها غير قادرة على تجاهل تلك الميول أكثر من ذلك، وأنها بذلت الكثير في علاقتها مع ذاتها ومع العالم لتصل لتلك النقطة من التصالح مع الذات والحظ الوافر -كما قالت- لتجد مساحة آمنة ضئيلة جدًا مقارنة بما يستحقه قلبها اللامع مع بعض الأصدقاء لتستطيع فيها الوقوف على قدميها بثبات بوجهًا كاملًا وقلبًا واثقًا من حقيقة تستحق الحياة.
فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!، هكذا ذُكر في الإنجيل كنوع من المفارقة الساخرة من الإنسان ومن العالم
أرسلت لي يومًا بأنها “نازلة ديت” ثم لم تسلم من فضولي وأسئلتي حتى سألتها بسلاسة “مع شاب أم فتاة”؟
أجابتني بأنها فتاة وبأن تلك كانت لحظة من لحظات معدودة شعرت فيها بالراحة تجاه مشاعرها ورغباتها ولم تتوقع أن تشعر في أي لحظة بأن العالم سيعرض عليها حرية الاختيار تلك حتى لو في صيغة سؤال من أقرب أصدقائها
حكت لي القليل لأن هذا كل ما كانت تعرفه فلم يتحدثن كثيرًا منذ بداية تعارفهن من خلال إحدى تطبيقات المواعدة وذلك سيكون أول “ديت” ليتعرفان على بعضهن أكثر. وبما أنه كان أول موعد لصديقتي مع فتاة سألتها “بماذا تشعرين؟”، لم أتوقع الكثير فما زالت على مشارف التجربة، ولكنها قالت “أشعر بالخفة والسلاسة وأتكلم كثيرًا دون خجل ولم أتردد في المبادرة لسؤالها للخروج في موعد ولا أفكر في تفاصيل كثيرة فبعض المعلومات نتشاركها بالفعل لعدم وجود اختلافات محورية أو عوائق تنتمي للمهام الجندرية المفروضة ولم يسيطر القلق على رأسي تجاه أسئلة مثل (يا ترى هتطلع بتحترم الستات؟. هتطلع مؤمنة بالمساواة؟. هحس بالأمان ولا هحس بالتهديد لكوني الطرف الأقل إمتيازات مجتمعية؟) ثم ذكرت شيئ عالق في ذهني حتى الآن وهو “مش قلقانة أكون على حقيقتي علشان من ساعة ما اتكلمنا واحنا كاشفين لبعض أكتر حقيقة بقالنا سنين بنداريها”
سار الديت على ما يرام وأصبح تربطهن علاقة عاطفية الآن بمباركة بعض الأصدقاء المعدودين على أصابع اليد الواحدة ولا تخلُ علاقتهن من المنحنيات والمشاحنات وما زلت أخرج مع كثير من الشباب اللطفاء وتظل اللحظة التي سألتها فيها “شاب أم فتاة؟” هي لحظة فارقة في عقلي تجاه عالم جديد يمكن خلقه على الأقل في دوائرنا القريبة ليكون مساحة آمنة لاختبار تجارب جديدة يتوُجها السلام أولًا قبل الحب، والكثير من المواعدات الأولى السلسة التي تسع حقيقة الطرفين بأكملها بغض النظر عن النوع