توضح الأرقام الأمور بما لا يدع مجالاً للشك: 99.3 بالمئة من النساء المصريات تعرّضن للتحرش الجنسي بصورة أو بأخرى.
وتتصاعد معدلات العنف تجاه النساء المصريات لتصل إلى مستويات لا تصدّق، منذ أن بدأ الحديث عن التحرّش الجنسي الجماعي في منطقة وسط البلد يصل إلى الإعلام في أوائل الألفية، مروراً بحوادث التحرش الجنسي الجماعي في ميدان التحرير عام 2012 – 2013، وصولاً إلى جرائم التحرّش المتسلسل التي تخرج إلى العلن اليوم.
تشهد مصر حالياً لحظة مشابهة لحراك “أنا أيضاً” ولكن بنسق مصري خالِص نابع من خصوصية وتركيب المجتمع والطبقات الاجتماعية وطبيعة المجتمعات الفقاعية الصغيرة داخله، مع فتح النقاش على مصراعيه حول حصانة المتحرشين والمغتصبين النافذين.
أحدث حلقات هذه السلسلة، ما نشر من شهادات منتصف الأسبوع الماضي، حول الصحافي الاستقصائي المصري هـ.ع. الذي عرف بمشاركته في تحقيق “وثائق بنما”. ونشرت “مدونة حكايات” شهادة لنساء مجهولات الهويّة، حول اعتداءات جنسية. فريق المدوّنة أيضاً مجهول، لكنه يعنى بجمع شهادات ضحايا وناجيات من العنف الجنسي، معتمداً على آلية تراكم الشهادات المتواترة لبناء مصداقية.
كانت الشهادة الأولى حول هـ.ع. مروّعة: استدراج لمتدرّبة في الصحافة، ضرب بالحزام ومحاولة اغتصاب بعنف، وتهديد. بعدها توالت الشهادات من نساء مصريات وواحدة سورية – حتى لحظة كتابة المقال – يحكين وقائع مشابهة تحمل نمطاً متكرراً: الاستدراج للحديث في أمور جنسية من باب أن هـ.ع حاصل على دبلوم في علم النفس الجنسي، ويريد حل مشاكلهن، واستغلال المؤسسات الصحفية التي عمل معها أو لازال يعمل بها في إيهامهن بنفوذه وقدرته على مساعدتهن في إيجاد عمل.
حتى الآن لا يوجد بيان يتحمّل المسؤولية أو يعلن بدء تحقيق من المؤسسات الدولية التي تربطها بالمشتبه به علاقة، ومن بينها دويتشه فيله حيث انتخب رئيساً لأكاديمية المتخرجين من ورش تدريبها في العالم العربي. أما شبكة أريج للصحافة الاستقصائية، فقررت بعد الانتقادات التي طالتها بسبب كيفية تعاطيها مع القضية في اليومين الماضيين، وقف التعامل مع هـ. ع. وفتح تحقيق حول الاتهامات الموجهة له.
بعد الشهادة الأولى، اندفعت الناجيات لنشر شهاداتهنّ عبر “مدوّنة حكايات”، دعماً لبعضهن البعض، وأطلقت صحافيات مصريات بياناً يطالب “نقابة الصحفيين المصرية” باتخاذ الإجراءات القانونية ضده، خصوصاً عندما نشر هـ.ع. بياناً على صفحته على فيسبوك يهدد فيه بمقاضاة كل من يجرؤ على نشر اسمه مرتبطاً بالاغتصاب والعنف الجنسي، بما في ذلك المؤسسات الصحافية والأفراد.
حاول هـ. ع. الطعن بمبدأ نشر الشهادات المجهّلة، واستعان بصحافيتين لإرسال شهادة مُفبركة إلى المدونة مع تصويرهما بالفيديو، ونشرت الشهادة كما هي على أنها من ناجية. تسبب الفيديو بإطلاق حملة جديدة ضد ه.ع. وتوالت الشهادات من ناجيات أخريات، آخرها ما نشرته الصحافية السورية زينة إرحيم، مؤكدةً توثيق الشهادة واستعداد الناجية لاتخاذ الخطوات القانونية.
لم يكن الطعن بالشهادات المجهلة سهلاً هذه المرة. على العكس، أطلق نقاشاً صحياً حول آليات التحقق من الشهادات تمهيداً لاتخاذ إجراءات قانونية مباشرة في أماكن العمل وفي النقابات المعنيّة.
زلزال “شرطة التحرّش”
يعود الفضل في إرساء مبدأ التواتر وتكرار النمط في هذه الموجة من الفضح للانتهاكات، إلى صفحة “شرطة التحرّش” على إنستغرام وصاحبتها صباح خضير.
كانت الشهادات على الحساب ضد أحمد بسّام زكي “مغتصب الجامعة الأميركية”، كما اشتهر، صاعقة. تحوّلت القضيّة إلى زلزال دفع الجميع للتساؤل عن علاقات النسب والقرابة مع ذوي النفوذ ودورها في حماية المتحرّش لسنوات طويلة، وعن كيفية تكرار الاعتداءات في الدوائر نفسها، من دون أن يجد المعتدي من يردعه، سواء من الأصدقاء أو العائلة أو المعارف أو زملاء الدراسة أو العمل.
بداية الشهر الماضي، بدأت الصفحة بنشر شهادات عن جرائم بشعة ارتكبها أحمد بسام زكي الذي اغتصب قاصرات وبالغات، إناثاً وذكوراً، وتحرّش واعتدى جنسياً على ضحاياه تحت تهديد السلاح مستخدماً نفوذ والده وعلاقاته لحمايته. هدّد ضحاياه بصور إباحية مزيّفة وبتسجيلات لاعتداءاته. فعل كلّ ذلك داخل مؤسسات تعليمية ولم يحاسب، وهي مؤسسات يفترض بها حماية طلابها (المدرسة الدولية الأميركية AIS، والمدرسة الإنكليزية الحديثة MES، والجامعة الأميركية في القاهرة AUC).
في الاعتقاد السائد عن تلك المؤسسات، يدفع الطلاب مبالغ طائلة للحصول على تعليم جيد، وللتواجد في مجتمع مسوّر يكفل حماية طبقيّة لأبنائه وبناته. خوف تلك المؤسسات من فقد تلك الامتيازات المالية، جعلها تسعى لحماية طالبها المتحرّش.
بدأت الناجيات من اعتداءات زكي بالتبليغ عنه لإدارة الجامعة الأميركية منذ عام 2018، لكن الأخيرة لم تتخذ أي إجراء بحقه. وبعد انتشار القصة على نطاق واسع، نشرت الجامعة بياناً هزيلاً عن تخرّج الطالب منها وانقطاع علاقته بالجامعة. موقف سيء من مؤسسة كان يفترض بها حماية الطلاب بدلاً من الخوف من أموال ونفوذ آبائهم.
كان المجرم محمياً بمجتمعه وعائلته وموازين القوى المختلفة المتواطئة مع إجرامه، حتى اللحظة التي بدأت فيها صباح خضير بجمع الشهادات ونشرها على الانترنت وتفجرت القضية، وظهرت دعوات للمطالبة بالقبض عليه، وبدأ الإعلام بمتابعة الموضوع.
قبض على المتحرّش المتسلسل، ويواجه الآن اتهامات بالشروع باغتصاب الفتيات، بعد مناورات من عائلته التي حاولت الطعن في شهادات الناجيات عن طريق إنشاء حساب مزيف على مواقع التواصل الاجتماعي ونشر شهادة مزيفة لناجية. كما حاولوا نشر شائعات عن تواجده خارج مصر، لكن محاولاتهم لم تفلح نظراً للانتباه الكبير الذي نالته القصة في الإعلام وتحرّك تلك الطبقة الاجتماعية بثقلها ونفوذها لحماية بناتها من تهديد آخر مماثل.
حتّى عندما يصل المعتدي إلى العدالة، سيجد ثغرات قانونية تحميه، تماماً كما حماه الأب بنفوذه وعلاقاته، وتماماً كما تحميه ثقافة الاغتصاب المنتشرة في مجتمعاتنا
نفوذ المعتدي وعائلته
تعمل المحامية الحقوقية والنسويّة راجية عمران ضمن فريق تشكّل ليدعم العمل على القضية. تقول لـ”خطيرة”: “لا يوجد شبه بين الفتيات المعتدى عليهنّ، اعمارهن مختلفة، تعرف عليهن المعتدي في أماكن مختلفة، هناك من يعرفن بعضهن وهناك من لا يعرفن الأخريات، لكن الشيء المشترك هو استخدامه لحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لتتبّعهنّ وترصدهنّ وتهديدهن بنشر صور إباحية مزيّفة وارسالها إلى أهاليهن، أو التهديد بصور وتسجيلات حقيقية صوّرها هو أو أحد أصدقاؤه لهن أثناء الاعتداء عليهن”.
تواصلت مع الفريق حتى الآن حوالي 15 شابة من المعتدى عليهنّ، بعضهنّ قدّمن بلاغات رسمية، والأخريات على الطريق. ويعمل المحامون على جمع الشهادات، ويخوضون في معارك وتفاصيل قانونية ليست سهلة لإثبات جريمة الاغتصاب بعد مرور وقت عليها. إذ ينص القانون المصري على أن الإبلاغ عن الاغتصاب يجب أن يكون وقت وقوعه، ليتمكن الطب الشرعي من تأكيد الواقعة. وهذه معركة مهمّة، لتغيير جزء من ذكورية المنظومة، فحتّى عندما وصل المعتدي إلى العدالة، سيجد ثغرات قانونية تحميه، تماماً كما حماه الأب بنفوذه وعلاقاته، وتماماً كما تحميه ثقافة الاغتصاب المنتشرة في مجتمعاتنا العربية، حيث العنف وكراهية النساء جزء من “العادات والتقاليد” و”الثقافة العامة”.
ثقافةٌ تكرّس أنّ الرجل بطبيعته “عنيف جنسياً”، وأنّ النساء هن المسؤولات عن الاغتصاب والتحرّش، “هي عايزة كده” سواء بملبسها أو باختياراتها في الحياة.
استخدم أحمد بسّام زكي نفوذ والده وامتيازاته الاجتماعية والمادية، ما أتاح له الهروب من العقاب بمباركة المجتمع التقليدي الذي يرى العنف ضد النساء شيئاً طبيعياً، بل دليلاً على “الفحولة”.
الملفات تفتح في المؤسسات الحقوقية أيضاً
منظومة فرض القوة والسطوة تمتدّ حتى داخل الدوائر التي تدّعي الاشتباك مع منظومة القوانين، وتقديم الدعم للناجيات من العنف الجنسي، في المنظمات الحقوقية والمدنية المصرية. وقد كتبت إحدى الناجيات شهادة تشرح تفاصيل اعتداء جنسي من قبل أحد العاملين بـ”مؤسسة حرية الفكر والتعبير” يدعى م.ن، وبدأت بجمع شهادات عن اعتداءات تعرضت لها نساء أخريات في “مؤسسة حرية الفكر والتعبير” وخارجها من نفس الشخص.
حاول المعتدي التواصل معها لثنيها عن التبليغ، وحين فشل، كتب اعتذاراً عبر فايسبوك في محاولة لاستباق النشر وموجة الهجوم. الاعتذار نفسه سيء ومليء بكراهية النساء والتعالي على الناجيات وعدم الإقرار بالجُرم المُرتكب. ردّت ناجيات بنشر شهاداتهن عن العنف والإساءة التي تعرضن لها في بيئة العمل داخل المؤسسة، وكتبت أخرى عما تعرّضت له من المعتدي م.ن شخصياً، وعندها محى الاعتذار وأغلق حسابه على فايسبوك.
منظومة فرض القوة والسطوة تمتدّ حتى داخل الدوائر التي تدّعي الاشتباك مع منظومة القوانين، وتقديم الدعم للناجيات من العنف الجنسي، في المنظمات الحقوقية والمدنية
رغم عدم معرفة دوائر المدافعين عن حقوق الإنسان بالاعتداءات بشكل مباشر، إلا أنّهم شكلوا دائرة من الدعم والفرص للمعتدي، ما سهّل عليه ارتكاب سلسلة اعتداءات، مدعياً دعمه لحقوق النساء. يأتي ذلك وسط استمرار السجال منذ سنوات حول كيفية اثبات التحرّش والاعتداء الجنسي، وعن أهمية خلق آليات بديلة يتفاعل بها المجتمع المدني مع هذهِ الانتهاكات.
بعد انتشار الشهادات، حاولت المؤسسة استدراك الموقف ببيان أعلنت فيه فصل المعتدي والتحقيق معه. وكانت المفاجأة أن المؤسسة لا يوجد لديها سياسة ضد التحرّش الجنسي في أماكن العمل ولا آلية للشكوى أو الإبلاغ رغم وجود نساء في مواقع القيادة في المؤسسة خلال السنوات السابقة.
تواصلت المؤسسة مع الموظفات السابقات لتطمينهن حول البدء في اتخاذ اجراءات، وشكّلت لجنة لسماع شهاداتهنّ وتقصّي الحقائق.
كانت تلك بداية لكسر حاجز الصمت، إذ ظهرت شهادات أخرى عن مدراء في مؤسسات حقوقية ومحامين، من بينها شهادات بخصوص مدير مؤسسة بلادي م.ح. وبدأت المؤسسة بتشكيل لجنة تحقيق لسماع شهادات الضحايا والتأكد من عدم وجود أخريات.
ثم ظهرت شهادات أخرى بخصوص المحامي الحقوقي المصري ط.ت في تونس والمتهم باغتصاب نساء وفتيات تونسيات، ويجري الآن جمع الشهادات لتقديم بلاغ للسلطات التونسية ضده.
إرساء مبدأ التواتر
لكن الصورة ليست قاتمة جداً، برغم الخلل في منظومة العدالة، إلا أن الجرائم الأخيرة أرست مبدأ قانونياً هاماً، ألا وهو مبدأ “التواتر”، وجمع شهادات من عدّة نساء حول المعتدي نفسه، والبحث في تاريخه مع نساء أخريات اعتدى عليهنّ أو انتهكهنّ، وصمتن خوفاً من اللوم أو الفضيحة، وتشجيعهنّ على التبليغ، وتقديم الدعم لهن. فالتواتر أصبح الآلية الأولى لتحقيق العدالة وتقديم المعتدي للمحاكمة.
هناك طبعاً جزء آخر يضاف إلى هذا، وهو تشجيع الفتيات لسلوك المسار القانوني، وإبلاغ الشرطة أو الأجهزة الأمنية المختصة عن تعرضهنّ للتحرّش الإلكتروني أو للتحرّش والاعتداء الجسدي، وإغراق المنظومة بالبلاغات لإجبارها على تنفيذ القانون، والوصول إلى أحكام وسوابق يعتد بها قانونياً فيما بعد لتفتح الطريق أمام تغييرات تشريعية تسهل عملية التبليغ والإثبات.
قد تتأخر العدالة كثيراً حتّى نظن أنها ماتت، لكن هذا الجيل من النساء سيبعثها من تحت الرماد
وبالفعل، جرى تقديم تعديل في قانون الإجراءات الجنائية المصري بهدف حماية خصوصية المجني عليهن، من خلال عدم الكشف عن شخصياتهن في جرائم التحرّش. وكان “موقف المجلس القومي لحقوق المرأة” داعماً للنساء الناجيات، وظهرت رئيسة المجلس مايا مرسي في أكثر من مداخلة تلفزيونية لتشجّع الناجيات على الإبلاغ والتقدّم بشهاداتهن.
هناك أصوات بالطبع تطالب النساء بالصمت، فيما تتوالى محاولات تجميع الشهادات وخلق أطر جديدة لتحقيق العدالة وإثبات الجريمة. وظهرت حلقة جديدة في السلسلة، إذ نشر حساب جديد على تويتر لتفاصيل عن حادثة الفيرمونت، المتعلّقة بإقدام شباب من طبقة اجتماعية عليا على تخدير فتيات والتناوب على اغتصابهنّ وتصوير الجريمة عام 2014.
بدأ نشر الشهادات من حساب “شرطة التحرّش” نفسه، وتضمنّت أسماء المغتصبين وكيفية استدراجهم للضحية الأولى عن طريق تخديرها خلال حفلة في فندق الفيرمونت، وكيف وتناوبوا على اغتصابها وكتابة أسمائهم على مؤخرتها وتصويرها بالفيديو. أرسل المعتدون الفيديو لأصدقائهم تفاخراً بما حدث، فيما هربت الناجية خارج مصر خوفاً من الفضيحة ولتكمل حياتها في سلام.
بعد نشر الشهادة، هُدّد الحساب وأصحابه بقتل عائلاتهم وقتلهم هم شخصياً، وهدّدت الناجية بفضحها بالاسم والصورة، لكن الأمر وصل إلى الرأي العام وأصبحت هناك حملة تطالب بالقبض عليهم ودعم حق الناجية في الأمان والسرية.
يرجّح أنّ أحد المعتدين هرب خارج مصر خوفاً من الملاحقة، فيما تشجّعت الناجية وأدلت بشهادتها إلى “المجلس القومي للمرأة” الذي بلّغ النيابة رسمياً عن الحادثة. وتشكّل فريق دفاع من محاميات ومحامين متطوعين للمساعدة. وبينما كانت الناجية تدلي بشهادتها إلى محاميها الخاص برفقة أحد أصدقائها المقربين وهو س. ف. خان الأخير ثقتها، وسجّل الحوار، وأرسله إلى مغتصبيها.
رداً على ذلك، نشرت نادين أشرف بشجاعة شديدة فيديو تكشف فيه هويّتها، وتعلن فيه أنها صاحبة صفحة “شرطة التحرّش”، نافية صِفة المجهولية عن الحساب ومتحمّلة المسؤولية عما ينشُره.
لقد تغيّر الوضع كثيراً منذ بداية الألفية، فرغم بعض الأوجاع والخذلان فيما يخص استقبال المجتمع لقضايا العنف الجنسي والانتهاكات ضد النساء، إلا أنه في كُل مرة يطوّر المعتدي أدواته، تطوّر النساء الناجيات آلياتهن ومقومات صمودهن أيضاً.
وقد انتقل النقاش في خلال هذه السنوات من وضع تعريف للتحرّش وما هو التحرّش أصلاً، إلى إيجاد آلية لإثباته ولو بأثر رجعي. ويخوض المحامون والمحاميات الآن معركة قانونية لإثبات جريمة الاغتصاب بعد وقوعها بزمن. يتراكم العمل البنّاء أخيراً، ولأول مرة نشعر بخوف المجرمين والمعتدين الحقيقي من المحاسبة.
قد تتأخر العدالة كثيراً حتّى نظن أنها ماتت، لكن هذا الجيل من النساء سيبعثها من تحت الرماد.