“كل أنثى أم، وإن لم تنجب”.. حقاً؟ 

كنت أرفض الأمومة في بداية العشرينات رفضاً قطعياً. فتغضب والدتي وتأمرني ألا أتفوّه برغباتي بصوت عال، فذلك يساهم في تحقيقها.

-جيبي له عيال يشيلوا اسمه
– الأولاد أحلى إشي بالدنيا
هل يُعقل أن يكون مصير كل أنثى الإنجاب؟ ماذا إذا لم ترغب هي بذلك؟

كبرتُ ومازلت أُصر على رفضي. أُدلل إخوتي الأصغر مني، أحبّهم لكنّي لا أتخيّل أن أحمل مسؤولية كهذه. تزوّجتْ أختي، وأنجبتْ أطفالاً يشيدون بشطارتها، رغم أنها خسرت وقتها، صحتها، وراحتها ولم يسألها أحد:
-كيف حالك أنتِ؟
-كم ساعة تنامين في اليوم؟

لا أحد يسألها وكيف يمر وقتها بالجري وراء الأطفال؟ ومتى آخر مرة اهتمت بنفسها اهتماماً حقيقياً؟ لكنّي أزيل كل هذه الأسئلة سريعاً وأُفكّر في اختلافاتنا، لعلّها أحبّت هي ذلك، كما أحببت أنا ألّا أفعله.

اليوم أُحب أطفالها كما لو أنجبتهم أنا، أصبُّ عليهم حناني ومحبتي، وأحمل جزءً بسيطاً من المسؤولية في سبيل راحتها، وأرتضي ذلك.

الآن و بعد مرور بضع سنوات من رفضي القاطع مازلتُ لا أتخيل شكل حياتي الشخصية بوجود أطفال ولكن انتقلت فكرة الإنجاب من المستحيلة إلى الممكنة. فهي لا زالت صعبة التقبل لكنها ليست مستحيلة.

أجد نفسي اليوم أفكر في متعة حضور أطفال من حولي، كونهم جزءً من كياني، يحملون بعض خصالي وتقاسيم وجهي، يؤنسون وحدتي، ويهددون بعض المرات استقلالي، وهذا مطمئن بقدر ماهو مخيف. قد لا أكون أتخذت قراراً حتمياً يخص الإنجاب بعد، لكنني توقّفت عن الهرب منه وهذا كافٍ.

مركز المحتوى

Review Your Cart
0
Add Coupon Code
Subtotal