صوتي جميل.. ولكن “صوت المرأة عورة”! 

أكتوبر 8, 2025 | Asmaa Al-Khaledi
عندما استلمتُ استمارة الاختيار بين حصتي الموسيقى والأعمال اليدوية في المرحلة الابتدائية، لم أختر شيئاً. شعرت وقتها أن قراراتي لا تخصني. وضعت الاستمارة عند سرير أبي. فاختار تلقائياً: الأعمال اليدويةالموسيقى عند أبي حرام، مع أنه يدندن أغاني فيروز وعبدالحليم حافظ حين يكون في مزاج جيد، ومع أن أمي تحب سميرة سعيد ووردة الجزائرية. كل ذلك ليس مهماً، المهم أن الموسيقى حرام!كنت أفرح جداً عندما كانت تغيب معلمة الأعمال اليدوية فيضموننا إلى حصة الموسيقى. سحرني تناغم أصوات الطالبات وتداخلها مع الآلات. كان يُشعرني ذلك باتحاد عجيب، وكأن كل الأصوات امتداد لصوتي. لكني لم أخبر أحداً. لأن الموسيقى حرام!في الجامعة أصرتْ صديقتي…
اقرأي

القلب يحب مرة ما يحبش مرتين… حقاً؟ 

أعرف نساءً كثيرات يرفضن الحب خشية على قلوبهن من الانكسار، أما أنا فأخشى الحياة بلا حب، حتى لو كان الثمن انكسارات متتالية لقلب مرهف. فالحب، بحلوه ومرّه، يجعل الحياة ألين وأجدر بالعيش. أعرف كذلك نساء أخريات لا يمانعن الحب ولكنهن لا يُؤمّن بقدرة الإنسان على الوقوع في الحب أكثر من مرة: "القلب يحب مرة مش ممكن مرتين." فيمضين حياتهن في رحلة بحث عن توأم روحي مُتخيّل، وإن أخفقن في العثور عليه يعتقدن أن فرصتهن الوحيدة قد ضاعت. أما أنا، أرى أن القلب أرحب من ذلك بكثير؛ يستطيع أن يُحب مرة واثنتين وثلاثاً. فالحب ليس بخيلاً ولا محتكراً، بل يتجدد كلما فتحنا…
اقرأي

عن ختاني وغضبي المتأخر

نظرتْ إليّ بعينين مليئتين بالشفقة. اقتَربتْ، ربّتتْ على كتفي وهمَستْ بأسى: "أنا آسفة لأنك مررت بهذه الصدمة" أغضبتني طريقتها. لكن ما استفزني أكثر كان تعليقاً آخر يفتقر إلى أي ذكاء عاطفي: "إزاي؟ إزاي متضايقتيش لما قطعولك حتّه من جسمك؟ إزاي وافقتي على ده؟" توالت عليّ تعليقات مشابهة أثناء مشاركتي في فعالية نسوية في القاهرة. أتفهم أن تعليقات كهذه تنبع من نية طيبة و من غضب مشروع على مجتمع لا يزال يتسامح مع الختان، ولكن لماذا يُملين عليّ ما يُفترض أن أشعر به رغم أنهن لم يعشن ما عشته؟ في تلك الفترة، لم أكن غاضبة من ختاني، بل من طريقة النظر…
اقرأي

منع الفن العاري: تسلط دكتاتوري على أجسادنا

بألف فكرة وهاجس تلقيتُ خبر منع الفن العاري في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق. يمكن تفسير نص القرار لمنع كل وأي شيء:  "عدم السماح بتشكيل أعمال تتعلق بالموديل العاري في أعمال النحت والتصوير والحفر" وإنتاج أعمال "تتماهى مع ثوابتنا الأخلاقية والمجتمعية".  بعد اعتراض طلاب وفنانين، أوضح عميد الكلية على الفيسبوك أن المنع هو تأكيد على قرار قديم من 1974 كان قد منع الموديل العاري الحي. لكننا جميعاً فهمنا من لغة القرار ميوعة تسمح بمنع ما يرغب أي أحد بمنعه. فتصريحات كهذه، وإن افترضنا جدلاً أنها توكيدية، تُعتبر مؤشر مهم لأولويات السلطة وما يمكن أن ينجم عنها في المستقبل.  بذلتُ كل…
اقرأي

“كل أنثى أم، وإن لم تنجب”.. حقاً؟ 

كنت أرفض الأمومة في بداية العشرينات رفضاً قطعياً. فتغضب والدتي وتأمرني ألا أتفوّه برغباتي بصوت عال، فذلك يساهم في تحقيقها. -جيبي له عيال يشيلوا اسمه- الأولاد أحلى إشي بالدنياهل يُعقل أن يكون مصير كل أنثى الإنجاب؟ ماذا إذا لم ترغب هي بذلك؟ كبرتُ ومازلت أُصر على رفضي. أُدلل إخوتي الأصغر مني، أحبّهم لكنّي لا أتخيّل أن أحمل مسؤولية كهذه. تزوّجتْ أختي، وأنجبتْ أطفالاً يشيدون بشطارتها، رغم أنها خسرت وقتها، صحتها، وراحتها ولم يسألها أحد:-كيف حالك أنتِ؟-كم ساعة تنامين في اليوم؟ لا أحد يسألها وكيف يمر وقتها بالجري وراء الأطفال؟ ومتى آخر مرة اهتمت بنفسها اهتماماً حقيقياً؟ لكنّي أزيل كل هذه…
اقرأي

موّدة: أول حزب نسائي في العراق 

عقدُ الأسبوع الماضي المؤتمر التأسيسي الأول لحزب مودة النسوي في العراق وهو الحزب النسائي الوحيد بين 343 حزب. تعود بدايته إلى عام ٢٠٢٣ عندما بدأت مجموعة من النساء بتشكيل نواة حزب يستند في برنامجه إلى قضايا المرأة في العراق، وجعلها أولوية في الخطط الحكومية ودوائر صنع القرار. حقق مودة انطلاقة ناجحة بانضمام حوالي ٧٠٠٠ عضو أي تقريباً ثلاثة أضعاف العدد المطلوب لاكتمال النصاب القانوني وفُتح باب العضوية أمام الذكور إذ يشترط القانون كوتة نسبتها ٢٥٪ لصالح الرجال؜. تقول الأمين العام للحزب جيهان الطائي أن هذا العدد لم يأت لأنهن بذلن جهداً في حشد الأعضاء، بل بمجرد الإعلان عن التأسيس، ما…
اقرأي

حين  جاء موعد نظرتي الشرعية

لم أكن أتوقع الكثير. فقط أن أكون جميلة بما يكفي وبشكل مهندم.بينما داخلي… مقلوب، ومكركب. جاء كشاب وسيم إلى بيتنا مع أخته وخالته، لأنه ليس من البلد. الجو رسمي جداً. حاولت فقط أن أتنفس. كلانا 27 سنة وهو الوقت المناسب نسبةً لأبي: أنهيت دراستي و ها أنا أعمل. فماذا يمكن أن يتبع ذلك غير الزواج؟ دخلت وأنا أحملني: أفكاري، نُدبي، أحلامي المبعثرة. وفي عينيه تساءلت: هل سيصون هذا الغريب كياني المنهك؟أمي مطمئنة لأنه متعلم. إخوتي مرتاحون لأنه رياضي. وأبي، الذي لم يسمح يوماً لأحد أن يراني، وجد الطمأنينة في تدينه. قال الوسيم بأنه غيور. لا يُحب أن تعمل زوجته أو…
اقرأي

عندما استأصلتْ صديقتي العزباء رحمها

"بدي أصير أم".. هكذا كانت تردُّ صديقتي كلما سألتها عن طموحها أو مستقبلها. لم تكن تفكّر بمهنة، أو سفر، أو حتى حب. كل ما أرادته هو أن تكون أمّاً، تماماً كما أمها وجدتها. وكان ذلك وحده كافياً لتشعر أن لحياتها معنى. لم تأبه لنظريات الأمومة واللاّ إنجابية ولم تقرأ كتابات إيمان مرسال عن "الأمومة وأشباحها". كل ما أرادته هو أن تعيش دور الأم كما تخيّلتْه هي. لكنها وفي مطلع الثلاثينات، وبعد أن تعرّضتْ لنزيف مؤلم استمر عشرين يوماً.. اكتشفتْ أنها مصابة بمرض يستدعي استئصال رحمها.  حاولَتْ بكل الطرق أن تتجنب الاستئصال.. كانت مستعدّة أن تتحمل المزيد من الألم وأن تأخذ المزيد…
اقرأي

مريول جدّتي

من بين كل تفاصيل طفولتي، لا يزال مريول جدتي المُلوّن الأكثر حضوراً في ذاكرتي.يشبه قماشه قماش المنشفة؛ كانت تربطه جدّتي حول خاصرتها من الأمام إذ لا يمكن إحكام ربطه من الخلف.لونه أبيض وحوّافه زرقاء، وفي وسطه جيب صغيرة مُزدانة بثلاث زهرات ملونة، كانت جدّتي تستخدمها أحياناً لتعليق منشفة المطبخ.كنت أقضي معظم عطلات نهاية الأسبوع في مطبخها، وربما تكون أعمق ذكرياتي المبكرة من تلك اللحظات.في يوم من الأيام، ونحن منهمكتان في طبخةٍ ما، وعدتني جدّتي بأن ترثني هذا المريول الذي تجاوز عمره الثلاثين عاماً، وقد بهتت ألوانه تماماً وبدأت جيبته تتلف.ربما لم تكن جادة تماماً، لكنني أخذت وعدها بجدّية، واعتبرت المريول…
اقرأي